كتاب الفلاح

أ.د/ على بحبو يكتب :معاملات اللبن الحفظية

بقلم أ.د/على بحبو 

عندما يصل اللبن إلى المصنع فإنه يحتوى على عدد كبير جداً من الكائنات الحية الدقيقة تصل في معظم الأحوال إلى عدة ملايين في المليللتر الواحد ، وهذا بالتالي يؤثر بصورة مباشرة على القدرة الحفظية للبن ، وتلك الكائنات الدقيقة هي البكتريا ، الخمائر ، الفطريات ، الفيروسات والبكتريوفاج ، ويمكن القضاء على كل أو بعض هذه الكائنات الدقيقة.

 

وأيضاً تقليل نشاط الإنزيمات الموجودة في اللبن بدرجات متفاوتة ، وهذا يعتمد على المعاملة التي تجرى على اللبن ، وللاحتفاظ بقدر الإمكان بالخواص الحسية والقيمة الغذائية للبن أمكن إبتكار طرق لمعاملات اللبن تقضى فقط على الكائنات الحية الدقيقة المرضية أو تقضى على كل الكائنات الحية الدقيقة وتقلل نشاط الإنزيمات.

… وعموما فان البكتريا الموجودة في اللبن قد تكون مرضية تعمل على إصابة المستهلك بالعديد من الأمراض ، كذلك قد تكون بعض البكتريا غير مرغوب فيها إذ بالرغم من كونها غير مرضية إلا أنها تسبب الكثير من العيوب كما تسرع من فساد المنتجات اللبنية ، إلا أن هناك بعض الأحياء الدقيقة مرغوب في وجودها ، ويعمل صانـع المنتجات اللبنية كل جهده على تشجيع نموها وتهيئة أنسب الظروف لنشاطها.

 

وتعتبر الميكروبات غير مرغوب فيها إذا سببت تدهوراً في صفات اللبن أو منتجاته ولعل أشهر الأمثلة على ذلك تلك الكائنات التي تعمل على تكوين حموضة واضحة في اللبن السائل إما بعد إنتاجه في المزرعة أو أثناء التصنيع أو بعد وصوله للمستهلك.

 

ويشمل أهم معاملات اللبن الحفظية كلا من المعاملات الحرارية والمعاملة باستخدام فوق أكسيد الهيدروجين H2O2 والمعاملة بالأشعة فوق البنفسجية والبسترة الكهربية والتجميد ، وتعتبر العاملات الحرارية أهم هذه المعاملات ، ويتم ذلك بتعريض اللبن إلى درجات حرارة معينة لمدة معينة ثم التبريد ، وتجرى هذه المعاملة إما بالتلامس غير المباشر من خلال التبادل الحراري أو بالتلامس المباشر من خلال حقن البخار في اللبن أو حقن اللبن في البخار.

 

ثم سحبه بعد الوصول إلى درجة الحرارة المطلوبة ، ومن أمثلة هذه المعاملات الحرارية البسترة والتسخين فوق العالي والتعقيم والغلي في المنازل.

 

ونظرا لرغبة معظم المستهلكين على شراء اللبن الخام وغليه في المنازل فسوف نلقي الضؤ على عملية الغلي ، والطريقة المتبعة منزلياً لغلى اللبن عادة هي وضعه في وعاء فوق لهب وتسخينه حتى يفور ثم يرفع من على النار ويترك ليبرد تلقائياً.

 

وهذه الطريقة غير كافية لتسخين جميع أجزاء اللبن إلى الدرجة التي تقضي على الميكروبات التي قد توجد به ، حيث أن الفوران يتم قبل وصول اللبن لدرجة الغليان ، ويحدث نتيجة لتمدد الغازات الذائبة في اللبن بالحرارة والتي يعوق خروجها من الغشاء البروتيني الرقيق الذي يتكون على السطح والذي ينشأ عن جفاف بعض بروتينات اللبن قرب السطح نتيجة لتبخير الماء منه بواسطة التسخين وملامسة الهواء.

 

وهذا الغشاء يحتجز معه بعض مكونات اللبن الأخرى خلاف البروتينات مثل الدهن والأملاح المعدنية وكذلك بعض الميكروبات ، وبذلك يعمل هذا الغشاء كطبقة واقية لحماية تلك الميكروبات من حرارة التسخين ، كما أن التبريد التدريجي يسمح لبعض الميكروبات المقاومة للحرارة بالنمو والتكاثر.

 

بالإضافة إلى أن غلي اللبن مباشرة بوضعه في إناء على النار يتسبب في فقد بعض مركبات اللبن وترسبها علي الجدار وقد يكون هناك طعم شياط ، ويلاحظ أنه إذا أجرى الغلي بالطريقة الصحيحة فإنه يقضى على جميع الميكروبات غير المتجرثمة مع احتمال بقاء بعض الميكروبات المقاومة للحرارة.

 

ولكي تكون عملية الغلي مجدية يراعى ما يلي :

• أن يكون التسخين غير مباشر بوضع إناء اللبن في إناء آخر به ماء يغلى (حمام مائي) ، وبذلك يمكن المحافظة على طعم اللبن حيث لا يتعرض للشياط وإحتراق بعض مكونات اللبن كالبروتين واللاكتوز وظهور الطعم الشايط.

• تستمر عملية التسخين على درجة حرارة الحمام المائي (100م) وذلك لمدة 5-7 دقائق.

 

• التقليب الجيد المستمر للبن وذلك لسرعة رفع درجة حرارة جميع أجزائه وإنتظام وتوزيع الحرارة بها ، وكذلك تكسير ما يتكون من أغشية لضمان وصول كل جزيئات اللبن لدرجة الحرارة المطلوبة.

 

• التبريد المباشر بعد التسخين لعدم إتاحة الفرصة لنمو وتكاثر ما يتبقى من ميكروبـات مقاومة للحرارة في الفترة ما بين انتهاء تسخينه وتبريده.

 

• تغطية إناء اللبن لحين استعماله وحفظه في مكان بارد لمنع تلوثه من الجو وتعطيل نمو وتكاثر ما يتخلف به من ميكروبات.

 

وملخص القول هنا أن الغرض من هذه المعاملات هو المحافظة على الصفات المرغوبة في اللبن ومنتجاته ، مع ضمان خلوها من ميكروبات الأمراض والميكروبات الأخرى التي تسبب تلفها السريع ، أما بالنسبة لغلي اللبن في المنازل فيجب مراعاة الإحتياطات المذكورة بدقة حتى نتمكن من الحصول على لبن صحي من الناحيتين البكتريولوجية والكيماوية وذلك بالحصول على أكبر تأثير بكتريولوجي وأقل تأثير كيماوي.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى