كتاب الفلاح

أ.د /على بحبو يكتب :اللبن وأهميته في تغذية الإنسان

بقلم الأستاذ الدكتور/على بحبو

اللبن هو الإفراز الطبيعي للغدد الضرعية للثدييات ، الذي نحصل عليه من : الحلب الكامل المنتظم النظيف ، لحيوان واحد أو عدة حيوانات ، من حلبة واحدة أو عدة حلبات ، غير منزوع منه أو إضافة له أي من مكوناته.

 

وهو من المعجزات الإلهية التي لم ولن يتمكن الإنسان من تخليقها بالرغم من معرفته للتركيب الدقيق لمكوناته ، وقد جرت وتجرى حتى الآن محاولات عديدة – بالرغم من التقدم العلمي الهائل – لتركيب اللبن معملياً وقد باءت كلها بالفشل.

 

ويعتبر اللبن الغذاء الطبيعي الأمثل الذي أوجده الله سبحانه وتعالى ليعتمد عليه المولود حتى سن الفطام ، كما أنه غذاء صالح للمرضى والمسنين ، واللبن بجانب طعمه المقبول يحتوى على مركبات الدهن والبروتين.

 

والسكر والأملاح المعدنية والفيتامينات بنسب ملائمة لاحتياجات الجسم ، لذلك يطلق عليه (الغذاء الكامل) ، فبينما تبلغ نسبة ما يهضم من اللبن 98-99% فان نسبة ما يهضم من الأطعمة الحيوانية الأخرى 95-97% أما الحبوب والخبز فيهضـم منها 85-90% أما الخضـراوات والفاكـهة فيهضم منها (83-90%).

 

ويؤخذ على اللبن أنه قد لا يصبح غذاء كامل لكثير من الحيوانات بعد إنتهاء فترة الرضاعة حيث لا يفي بجميع إحتياجاتها من بعض العناصر الضرورية مثل الحديد والنحاس والمنجنيز وبعض الفيتامينات مثل فيتامين C ، D ولذا فهي تعتمد على الأغذية الأخرى لتعويض هذا النقص.

 

كما يعتبر اللبن من أهم مصادر التغذية والحماية المناعية لصغار الأبقار ، ويبدأ الضرع في إفراز اللبن قبل الولادة بفترة قصيرة وذلك للتحضير لوجود مولود جديد ، وعند الولادة يبدأ الضرع في إفراز سائل لبنى يسمى بالسرسوب (اللبأ) ويعرف بلونه المصفر ، مائل للملوحة.

 

يحتوى على بروتينات الشرش بكمية كبيرة وكمية لا بأس بها من الأجسام المضادة للمساعدة على حماية الحيوان الرضيع حتى يكتسب نظام المناعة الخاص به الحماية الطبيعية ، وخلال 72 ساعة من الولادة يبدأ تحول السرسوب إلى التركيب الطبيعي للبن الذي يستخدم كمصدر للتغذية.

 

وتتميز مكونات اللبن بصفات خاصة ؛ فنسبة الدهن في اللبن هي المسئولة عن معظم كمية الطاقة المتحصل ، عليها حيث يتولد 9 سعرات كبيرة من كل جرام دهن ، ونجد أن الطاقة المطلوبة للجسم في المناطق الباردة أعلى منها في المناطق المعتدلة.

 

ويحتوى دهن اللبن على الأحماض الدهنية الأساسية التي تلزم جسم الإنسان مثل اللينوليك والأراكيدونيك والتي لا يستطيع جسم الإنسان تكوينها ، كما يتميز دهن اللبن بصفات طبيعية خاصة مثل درجة انصهاره الملائمة لجسم الإنسان.

 

كما يحتوى على مركبات أخرى مثل الفسفولبيدات والستيرولات والكاروتينات وهذه المواد لها دورها الحيوي الهام ، كما تعتبر بروتينات اللبن ذو قيمة حيوية عالية ، بل وتعتبر من الأغذية الواقية من خلال صفة الأمفوتيرية Amphoteric (يعادل الحموضة والقلوية الزائدة).

 

وتمتاز بروتينات اللبن برخص سعرها عن غيرها من البروتينات الحيوانية الأخرى كاللحم والبيض ، ويحتوى لبن الأم على 1.8% بروتين وهو قليل ، بينما تكون في الأبقار 3.7% أما لبن الكلاب فيحتوى على 7.3%.

 

فكلما زادت سرعة نمو الرضيع كلما زادت نسبة البروتين في اللبن ، فنجد أن الطفل الرضيع يتضاعف وزنه خلال 180 يوم بينما العجل يتضاعف وزنه خلال 47 يوم أما الكلب فيتضاعف وزنه خلال 9 أيام.

 

، أما سكر اللبن (سكر اللاكتوز) فهو من مصادر الطاقة حيث يتولد عن كل جرام سكر (وكذلك البروتين) 4 سعرات كبيرة ، ويتميز اللاكتوز بانخفاض حلاوته وقلة ذوبانه مما يساعد على عدم إجهاد حواس التذوق وعدم الملل من كثرة تناوله ، كما يمتاز اللاكتوز بضعف امتصاصه في الجهاز الهضمي.

 

وبذلك يمر معظمه إلى الأمعاء الغليظة مما يهيئ ظروف أنسب للتخمرات الحامضية التي تقلل من التخمرات التعفنية ، ويساعد هذا السكر على زيادة تمثيل الكالسيوم والفسفور والماغنسيوم وحفظهما في الأنسجة ، ولذا يندر إصابة الرضيع الذي يتغذى على لبن الأم بالكساح رغم قلة المواد المعدنية فيه.

 

وقد ينشأ عن وجود اللاكتوز حدوث إسهال للأشخاص الذين يعانون من نقص في إفراز إنزيم اللاكتيز Lactase بأمعائهم عند شرب اللبن ، لذلك ينصح بأن يتناول هؤلاء الأشخاص الألبان المتخمرة بدلا من اللبن كالزبادي واللبن الرائب حيث يكون جزء من اللاكتوز قد تحول إلى حمض لاكتيك.

 

كما يعتبر اللبن مصدر ممتاز للكالسيوم حيث يعتمد عليه لتعويض النقص في الأغذية الأخرى الفقيرة في الكالسيوم كالحبوب ، وللبن أهمية خاصة كمصدر لإمداد الأطفال بعنصري الكالسيوم والفسفور اللازمين لتكوين الهيكل العظمى والأسنان والغضاريف.

 

كما يساعد الكالسيوم على تجلط الدم ، ويلزم الحديد لتكوين مادة الهيموجلوبين التي تدخل في تركيب كرات الدم الحمراء في الدم ، ويدخل الكلور في تكوين حمض الهيدروكلوريك HCl الذي يكون جزءا أساسيا في العصارة المعدية الهاضمة.

 

ويدخل الكبريت في تكوين خلايا الجلد والشعر والأظافر ، كما تقوم الأملاح المعدنية في جسم الإنسان بتنظيم الضغط الأسموزي في الدم والذي يعتبر توازنه من أساسيات الحياة ، ويعتبر الصوديوم والبوتاسيوم من العناصر الهامة في ذلك.

 

كما أن بعض أيونات المعادن مثل البوتاسيوم والكالسيوم تلعب دورا هاما في تنظيم نبضات القلب وحساسية الأعصاب ، ورغم افتقار اللبن إلى الحديد حيث يدعم به إلا أن الحديد الموجود في اللبن يكون على هيئة مركبات عضوية يسهل الحصول عليها وتمثيلها في الجسم.

 

كما يتميز اللبن باحتوائه على معظم الفيتامينات المعروفة ، ويعتبر مصدرا هاما لفيتامينA ، B1 ، B2 ومصدر لا بأس به من فيتامين E ، ونظرا لعدم كفاية فيتامين C ، Dفي اللبن يتم التدعيم بهذه الفيتامينات.

 

ونظرا لأهمية اللبن كما سبق ذكره فيجب على كل شخص أن يهتم بتناول كوب لبن صحي يوميا وبصفة دورية لما له من أهمية عظيمة وفائدة كبيرة سواء من الناحية الصحية أو الناحية الغذائية ، حيث يعتبر اللبن غذاء كامل لإحتوائه على جميع العناصر الغذائية الضرورية والهامة لجسم الإنسان .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى