بقلم الدكتور/ علي بحبو
استاذ ورئيس قسم الألبان السابق بزراعة الأزهر أسيوط
الفورمالين Formalin من المركبات الكيميائية العضوية البسيطة المشتق من الفورمالدهيد والمصنوعة من الكربون والأكسجين والهيدروجين ، وهي مادة طبيعية ينتجها كل كائن حي ، وهي موجودة بشكلٍ طبيعي في الفواكه والخضروات واللحوم والأسماك والقهوة وغيرها.
كما يتم إنتاجها بتركيز معين داخل جسم الإنسان أثناء عمليات الأيض ، ويتم تصنيع الفورمالين صناعيًا بتراكيز مختلفة تبعًا للهدف من استخدامه بإذابة الفورمالدهيد في الماء ، وهو من المواد الخطرة لذلك يجب التعامل معها بحذر ، والفورمالدهيد غاز عديم اللون ذو رائحة نفاذة وسريع الاشتعال ، مادة شديدة السمية عند دخولها في جوف المريض ينتج عنها تقرحات والتهابات شديدة في المرئ على المدى البعيد مما ينتج عنه عدم القدرة على البلع وانخفاض الوزن وإصابة العين بنوع من الحساسية عند التعرض له بشكل مباشر ، ويؤدى استنشاقه إلى تهيج في الأغشية المخاطية في الأنف والتهاب القصبة الهوائية وضيق في التنفس ، وقد أثبتت الدراسات خطورتها على الإنسان خاصة وأن تأثير الفورمالين من الممكن ألا يظهر إلا بعد فترة من تناولها ، ومنذ القدم تم إدخال الفورمالين في العديد من الصناعات ، وقد صنعت هذه المادة للمرة الأولى على يد ألكسندر بوتليروف عام 1855م ، أما انتشارها رسمياً فكان على يد العالم الألماني آوغست فيلهلم فون هوفمان عام 1867م ، وتتوفر هذه المادة في المنتجات المحتوية على الكربون والتي تحترق بشكل غير كامل مثل الدخان الناتج عن حرائق الغابات ودخان التبغ ودخان السيارات ، وقد أقرت الجمعية الأمريكية الوطنية للسموم NTP في يوليو 2011 وكذلك منظمة السلامة والصحة المهنية OSHA بأن الفورمالين يسبب السرطان ، وبصفة خاصة سرطان الأنف والرئة ، ويعتبر الفورمالين معقم وقاتل للبكتريا والفطريات ، لذلك يستخدم كمادة حافظة لجثث البشر والحيوانات وكذلك في مجال طب الأسنان وصناعة بعض الأدوية مثل لقاحات الإنفلونزا ومختبرات العينات المرضية والأنسجة فهو يحمي العينات النسيجية من التعفن والتحلل ، كما يدخل في صناعة مواد التعقيم مثل معجون الأسنان والصابون والشامبو بتراكيز منخفضة ، ويستخدم أيضا في إنتاج المواد الكيميائية والبوليمرات والمواد اللاصقة وتصنيع السجاد وصمغ الرموش الاصطناعية والمتفجرات والطلاء ، وقد توقف العالم أجمع عن استخدامها ويدرس الاتحاد الأوروبي حظر استعماله كمطهر ومادة حافظة ، وتعتبر اليابان وتايلاند من أول الدول التي حظرت استخدام الفورمالدهيد في مستحضرات التجميل.
أما عن إستخدام الفورمالين في مجال الأغذية والألبان فإنه تلاحظ بصورة كبيرة إنتشار إستخدامها في زيادة فترة الحفظ للألبان والأغذية الأخرى خاصة في ألبان الشرب الخام المنتشرة في الأسواق ، وتعتبر مادة الفورمالين مكونًا أساسيًا فى تصنيع الألبان ومشتقاتها كالجبن والزبادى ، ولا يقتصر إستخدام هذه المادة على الجبن والألبان مجهولة المصدر بل تمتد إلى أكبر الشركات الغذائية فى حفظ منتجاتها ، مما يمثل تهديدًا مباشرًا لصحة المواطنين ، ويمكن القول أن مصر ربما هى الدولة الوحيدة التى مازالت تستخدم تلك المادة فى حفظ المواد الغذائية رغم وجود قرار يجرم إستخدام الفورمالين ويمنع إضافته للمنتجات الغذائية ، وقد تم تسجيل العديد من المخالفات فى هذا الشأن من قبل بائعى الألبان ، ويمكن الكشف عن وجود الفورمالين باللبن بوضع 10 مل من اللبن في أنبوبة إختبار ، 10 مل حامض الكبريتيك بدون رج ، فإذا تكونت حلقة بنفسجية دل ذلك على وجود الفورمالين ، وإذا تكون لون بني محمر دل ذلك على سلامة اللبن من الفورمالين.
ومجمل القول ومن خلال دراساتنا ننصح بالحد من إستهلاك اللبن السائل الغير مضمون من نظافته أو مضاف إليه الفورمالين ، مع الإعتماد بصفة أساسية على تناول الألبان المنتشرة بالأسواق حاليا والمسماة بالألبان طويلة العمر والتي تم تصنيعها وتعبئتها تحت ظروف تعقيم عالية وغير مضاف إليها أي مواد حافظة كما يعتقد البعض ، حيث تصل مدة صلاحيتها إلى مدة طويلة مع إمكانية حفظها خارج الثلاجة وإن كان يفضل حفظها بداخلها ، كما نهيب بوسائل الإعلام المختلفة المسموع منها والمقرؤ للتوضيح وتعريف الناس بخطورة هذه المادة على الصحة العامة ، مع ضرورة تدخل الحكومة والعمل على إحكام الرقابة على الأسواق .
